هادي جلو مرعي
عادل إمام في تبريره لرفضه أداء القسم كرئيس للوزراء في مسلسل (عفاريت عدلي علام) يقول للصحفيين المتجمهرين عند بوابة الإتحادية : البلد دي هتنهض لما الي ميقدرش يقول مقدرش، ولما الي ميعرفش يقول معرفش، ولما تنظفوا البلد دي من المرتشين والفاسدين، الخ الخ الخ.
لاتجد في الغالب من يعترف إنه لايستطيع فعل شيء في سبيل التغيير، وأغلب الذين يفتقدون الى المعرفة يتصدرون المشهد، ويديرون شؤون الدولة والمجتمع، وسبيلهم للسيطرة والتحكم هي القوة والنفوذ، وإستخدام قوانين يضعونها على مزاجهم الخاص، ويستقوون بطوائفهم وعشائرهم وأحزابهم. وتكاد تتيقن في سرك إن الناس كلهم يكذبون عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الشخصية، وتحقيق المكاسب، والوصول الى الأهداف بوسائل تبدو ظاهرا إنها مشروعة، ولكنها في الحقيقة غير ذلك تماما، بل هي جزء من سياسة تطويع القانون والقضاء والسياسة لتحقيق الأهداف، والوصول الى الغايات.
حين يتأسس نظام سياسي ويتشكل لتحقيق مصالح زعامات وأحزاب تتقاسم السلطة والمال والنفوذ، ويكون عامة الشعب في آخر قائمة الإهتمامات فإنه نظام عاجز عن تحقيق شروط بناء الدولة، وتأكيد حقوق الناس، وتلبية مطالبهم المشروعة في الخدمات العامة التي هي أساس عمل كل نظام حكم على وجه الأرض، ولكن حين تؤسس الحكومة لخدمات مصالح مافيات سياسية وحزبية وطائفية فإنها تظل تلف وتدور في حلقة مفرغة، وتعجز عن القيام بدورها حتى وإن زعمت كذبا إنها قادرة على محاربة الفساد والمفسدين لنكتشف لاحقا إن هولاء صاروا سادة البلد وقادته، ولهم تحالفات قوية مع دول كبرى تجد ان الفساد يمكن ان يكون حلقة الوصل بهذه الفئة التي لاتهتم لخراب العراق مادام يمثل جزءا من مصالحها، ومادام هولاء يسرقون خيرات بلدهم، ويؤمنون على مصالح الدول الراعية ودوام نفوذها هنا.
ينهض العراق حين لايتصدر العملاء المشهد فيه، وحين ينظف من الفاسدين، وحين يتخلص من سلطة المافيات، وحين ينهار تحالف الشر بين قوى تتنافس في الظاهر، وتتفق على الخراب في السر. قدر العراق أن لاينهض لأن العلل والأمراض تمكنت منه، ونحتاج الى معجزة وهي لن تأتي. ورغم ذلك لن نتخلى عنه وعن الأمل فيه.