حيدر الكرخي
رسائل الإشارة أصبحت من الماضي, فصراع (الدولة و اللادولة ) بات معلنا بعد حادثة البوعيثة ووضع صور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تحت أقدام المعتقلين الذين أفرج عنهم ، بذلك قد انتهت مرحلة التعادل السلبي ودخلنا إلى الملعب تحت الأضواء الكاشفة.
في منتصف التسعينيات بدأ المختصون يتحدثون عن نظام صدام حسين بأنه سيتلاشى قريبا وذلك لتوتر علاقاته الخارجية وطريقة التفكير البلويسية التي يستخدمها مع محيطه ، فضلا عن المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها ، وفعلا صدق المختصون وحدث ما حدث في 2003 ، والناظر المتأمل يستنتج قراءة مشابهة لما حدث بالأمس القريب من تكرار في الواقع الجديد للعراق ، فمفهوم اللادولة والسلاح المنفلت واغتيال الكفاءات وآخرهم هشام الهاشمي -الذي يمثل ثروة كبيرة – كل ذلك يجعل عجلة التاريخ تعود لاستنساخ تجربة الانهيار ، وخلق أزمات اقتصادية حادة وعلاقات خارجية متوترة ومصالح متضاربة لدى الجماعات المنفلتة _وإن كانت تتفق على مبدأ الخط الحمر والمقدس … وإلخ _ ، وغيرها من التسميات التي تجبر الناقد أن يأخذ نفسا عميقا قبل أن يوجه نقده إلى شلة من الصبيان المجانين الذين يملكون فوهة البنادق ولم يحصلوا على أي نوع من عتاد الفكر في بناء الدولة الحديثة ، هذا إن دل على شيء إنما يدل على أننا نتجه في العراق الجديد إلى التجارب القديمة .
كل هذا لا يعني أن الفريق السياسي والمليشاوي متوقف عن عملية بلع العراق ومحاولات تكسير مفهوم الوطنية والمهنية والدولة وشركاء الوطن مستمرة بل ذهبنا إلى أبعد من ذلك ، كل من يملك نضجا سياسيا أو وجهة نظر تتعارض مع مجانين السلاح يجب تصفيته أو التشكيك بوطنيته ووصفه بأنه ابنا بارا للسفارة الأمريكية، خلاصة القول إن الخمس سنوات المقبلة تمثل تحديا كبيرا للعراق لتكشف لنا إما مخاض الولادة أو سكرات الموت.