هادي جلو مرعي
فجر الرئيس التركي رجب طيب أوردوغان جدلا عالميا بعد القرار الذي أصدرته المحكمة العليا بفتح متحف (آيا صوفيا) الشهير أمام المصلين، وإنهاء وجوده كمتحف عالمي كما كان الحال عليه منذ عقود طويلة.
أول من تصرف بآيا صوفيا هو السلطان محمد الفاتح الذي قرر تحويل الكنيسة الأرثوذكسية الى مسجد يؤمه المصلون، ولكن قرارا لاحقا صدر العام 1935 قضى بتحويل المسجد الى متحف ديني، لكن الرئيس أوردوغان يرى إن المسجد، أو المتحف يقع تحت سيادة الدولة التركية، وبالتالي فهي من تقرر مصيره، وهو مادفع منظمة اليونسكو الى التحذير من إنتهاك خصوصيته بوصفه متحفا دينيا متاح لجميع سكان الأرض من أتباع الديانات، وليس حكرا على دين، فهو بدأ ككنيسة، لكنه حول الى مسجد غير أن العلمانية التركية ألغت قرار السلطان محمد الفاتح.
يشير قرار الرئيس اوردوغان الى الطبيعة التي يراد لتركيا أن تكون عليها، فهو يعمل على أحياء النهج الديني للسلطنة العثمانية القديمة، ورفض أي ضغوط خارجية للإبقاء على المسجد، أو الكنيسة بوصفهما متحفا للبشرية، وعلى لائحة التراث العالمي.
بنيت الكنيسة الأرثوذكسية على الضفة الأوربية من مدينة إستنبول، وبناها الإمبراطور البيزنطي جونستيان سنة 532 م ومثلت رائعة من روائع العمارة البيزنطية التي لم يعتمد فيها الإمبراطور على مهندسين من روما، وإستدعى مهندسين من آسيا لأنه كان يفضل الإبتكار والتجديد على حساب العمارة التقليدية في الإمبراطورية الرومانية التي تميزت بهندسة متفردة، وعلى غرارها بنيت العاصمة الأمريكية واشنطن التي سميت روما حيث بنيت على الطراز المعماري المعروف في روما الإيطالية، ولكنها سميت بإسم الرئيس الأمريكي الشهير جورج واشنطن.
أوردوغان يواصل معاركه على جبهات عدة، وهاهو يفتح جبهة جديدة للصراع مع الغرب، فيبعث السفن والجيوش الى ليبيا، ويوخز الخاصرة الأوربية، ويحول المتحف الكنيسة الى مسجد، والسماح للمسلمين بالصلاة فيه، ويبدو إن الرئيس ماض في قراره الذي يعده إنتصارا لنهجه الديني، وإرضاءا لأنصاره في العالمين العربي والإسلامي الذين يغلب على سلوكهم الحماس.