هادي جلو مرعي
لاتنتظر من الجياع أن يتمهلوا حين تدعوهم الى الطعام، فالبدوية وضعت القش في إناء الماء لكي يتمهل الرجل العطشان، ويرتوي على مهل.
يمكن أن نتحدث عن صنفين من الذين حكموا العراق بوصفهم مجموعات هائجة في زمن ما، ومرحلة بعينها، أو بوصفهم أفرادا مروا عليه، وداسوه بأرجلهم مع إختلاف نوع ماينتعلون بأقدامهم، وتعاقب الأزمنة، فكأن كل متسلط على هذه البلاد عدو حاقد، يبحث عن الوسيلة التي يؤذي بها الناس، ويدمر حياتهم، ويبتكر لذلك الأساليب، ويجيش الرعاع والهمج والجياع فيسلطهم على المستضعفين، فينكلون بهم، ويذلونهم، ويحرمونهم هناءة العيش والأمل بالغد، ومزاولة الأحلام.
إنسل الثعلب في الظلام بين دروب القرية الهادئة، وسرق دجاجة، وظل يكرر هجوماته الليلية، بينما القرويون يبحثون عن سبيل لإصطياده، حتى ظفروا به، لكنهم بتروا ذيله، وفر ببقية جسمه الى حيث أوكار الثعالب، فلحقه اهل القرية وإشتكوا الأمر الى الاسد الذي قرر معاقبته واخبروه ان فيه علامة وهي ذيله وقد بتر، فأمر بجمع الثعالب، وحين سمع حرامي الدجاج بذلك ذهب الى بقية الثعالب، وإستنهض فيهم الروح الوطنية، والنخوة الثعلبية، وطلب منهم أن يبتروا ذيولهم، حتى إذا إجتمعوا عند الأسد، وحضر الناس لم يميزوه.
عند إجتماع الناس والثعالب جاء القرويون بحجتهم، وهي ذيل الثعلب المبتور، وطلب الإسد فحص مؤخرة كل ثعلب، وكلما نظروا في مؤخرة، وجدوا الذيل مبتورا، فسلم الثعلب من قبضة الأسد، وغضبته، ومضى ذلك مثلا: ضاع أبتر بين البتران.
يصعب تمييز الحرامية والمبتزين والمحتالين، وكبار السراق في العراق، فحيلهم لاتعد ولاتحصى، وإبتكاراتهم تتوالى، وحقوق الناس تضيع حتى وصل الأمر بالدولة العراقية إنها لاتمتلك المال الذي تشتري فيه الدواء، ولاالذي تطعم به الناس، ولا الذي تصرفه كرواتب للموظفين والمتقاعدين، بل ووصل الامر بالبعض أنه يحكم سيطرته على الموانيء، ومؤسسات الدولة ومواردها، ولايتوفر لكل من يتول منصبا سوى أن يكون اداة طيعة بيد من رشحه للمنصب، وأن ينفذ لأسياده مايريدون، ويبقى الشعب في آخر سلم الأولويات.
العراق بحاجة الى حرامي واحد يجمع كل شيء تحت قدميه، ويعمل مع الشعب بنظام التنقيط أفضل من أن يكون هناك آلاف الحرامية الذي ينهبون بآلاف الطرق، ويستحوذون على كل شيء، ولايبقون للشعب إلا الفتات هذا إن بقي فتات.