هادي جلو مرعي
دعاني صديق صحفي على العشاء قرب ساحة الملك فيصل الأول جوار مبنى الإذاعة الرسمية، وكنت أحفظ المكان، فقد كنت قبل العام 2003 أخرج لتناول الطعام من مأكولات (بعلبك) المقابلة لحصان الملك المغدور ، وفوجئت بشخص من أصحاب المال والجاه شكى لي حزنه على أملاكه التي باتت بحوزة بعض المتنفذين، وهو لايقوى على فعل شيء، وكان بيننا صحفي شاب نصحه بتوكيل محام ليعيد له الحق المسلوب.
هناك خطط توضع للنهضة بالمدن الكبرى، تعتمد حاجات المدينة، وعدد السكان، وبالإضافة الى الخدمات العامة فهناك مايمكن أن نسميه المظهر العام، وجمالية المكان، وحضوره في الذهن والوجدان، فحين غنت فيروز عن بغداد كان مطلع أغنيتها الشهيرة هو عنوان القصيدة، فكأنك حين تقرأ البيت الأول منها، كأنك تقرأ عنوان القصيدة، وقد يسألك سائل: هل سمعت أغنية فيروز التي إسمها: بغداد والشعراء والصور؟
فيرد المسؤول: نعم، ومطلعها يقول:
بغداد والشعراء والصور.
تعمل حكومات العالم على تهيئة العواصم، والنهوض بها، وتطويرها، وتجميلها، وعمران ماتخرب منها، وتطوير حدائقها وساحاتها العامة، وزراعة المساحات المفتوحة، وبناء مدن الألعاب والمتنزهات والأسواق والمولات، وتشييد الأبراج التراثية، وتعمير الدور التراثية، والآثار، وكل مايتصل بعنوانها المثير للإعجاب، ويجعلها مشرقة في عيون ساكنيها وزوارها، وقد عانت بغداد من الإهمال بسبب الحروب والحصارات والإهمال، ثم إنها تمددت وتوسعت، وضاقت بأهلها، وضاقوا بها.
بغداد التي أحتلت من الأمريكيين، هي محتلة من مواطنيها، والمتنفذين فيها، فالقصور والبساتين والساحات العامة والأراضي والمؤسسات تحولت الى منافع شخصية وحزبية مسيطر عليها من جماعات قوة ونفوذ بهدف تحقيق مكاسب مادية دون النظر في أن من يفعل ذلك يخرب المدينة ويدمرها، وتأتي تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة التي أشار فيها الى بغداد، وعمرانها لتفتح بابا للتفاؤل عله أن لايغلق بإرادة المنتفعين، ومنعهم من تحويلها الى خرابة.