الإثنين , 15 سبتمبر 2025

كشف تفاصيل اجتماع ثلاثي في عمّان لإحياء خط الحجاز الحديدي

احتضنت العاصمة عمّان، يوم الأحد، اجتماعاً تقنياً ثلاثياً ضم ممثلين عن وزارات النقل في كل من الأردن وسوريا وتركيا، لبحث إمكانية وضع أسس عملية لتعزيز التعاون الإقليمي في قطاع النقل، وتسهيل الحركة التجارية والربط السككي بين الدول الثلاث، لإحياء خط الحجاز الحديدي.

ومثل الدول الثلاث في الاجتماع، الأمين العام لوزارة النقل الأردنية فارس أبو دية، ومعاون وزير النقل السوري لشؤون النقل البري محمد عمر رحال، والمدير العام للشؤون الخارجية بوزارة النقل والبنية التحتية التركية بوراك إيكان.

ويندرج اللقاء ضمن سلسلة اجتماعات تمهّد لعقد اجتماع وزاري لاحق، لمتابعة تنفيذ المشاريع المقترحة وتذليل العقبات أمامها، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لإعادة بناء الروابط الاقتصادية التي تعطلت خلال سنوات الحرب السورية والقطيعة السياسية.

إحياء خط الحجاز

وناقش المشاركون وفقاً لبيان صادر على هامش الاجتماع ورد شفق نيوز، جملة من المقترحات، أبرزها إعادة فتح معبر باب الهوى – جيلواغوز أمام الشاحنات الأردنية المتجهة إلى تركيا عبر الأراضي السورية، بعد استكمال الشروط الفنية والأمنية.

كما اتفق المجتمعون، على إطلاق مشروع لإعادة ترميم خط الحجاز الحديدي، الذي يمتد من دمشق حتى الحدود الأردنية، حيث ستتكفل تركيا بتمويل أعمال الصيانة، بينما سيقدم الأردن الدعم الفني لصيانة القاطرات السورية.

ويتضمن المحضر المشترك، إعداد دراسات جدوى لإنشاء خط سكك حديدية جديد بمواصفات عالمية، لربط الدول الثلاث بشبكات التجارة الدولية، إضافة إلى دراسة تطوير خطوط النقل البري، بما يشمل الممر الممتد من ميناء العقبة وصولاً إلى تركيا وأوروبا الشرقية، بما يسهل حركة الصادرات ويقلل التكاليف والوقت المستغرق في عمليات النقل.

وقال مسؤول المكتب الإعلامي في وزارة النقل السورية عبد الهادي شحادة لوكالة شفق نيوز، إن ممثل سوريا في الاجتماع “أكد على أن اللقاء يعكس إدراكاً مشتركاً لأهمية التعاون الإقليمي في تطوير حركة البضائع والأفراد، وتعزيز شبكات النقل البرية والسككية، بما ينعكس إيجاباً على مصالح شعوب الدول الثلاث“.

وأضاف شحادة، ان “معاون الوزير أكد أن النقل لم يعد مجرد وسيلة عبور، بل أصبح رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاستقرار الإقليمي، وأن الموقع الجغرافي لسورية والأردن وتركيا يشكل محوراً استراتيجياً يربط آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، ما يفتح فرصاً لتعزيز التكامل الاقتصادي وجذب الاستثمارات وتوسيع التجارة البينية والترانزيت“.

من جانبه، أكد ممثل الأردن، فارس أبو دية أن اللقاء يمثل “خطوة عملية لترجمة العلاقات السياسية الطيبة بين الدول الثلاث إلى مشاريع استراتيجية تخدم الاقتصاد الإقليمي“.

أما الوزير التركي، بوراك إيكان، فاعتبر أن “الربط الثلاثي سيرفع كفاءة حركة التجارة ويعزز الارتباط الإقليمي والدولي”، مؤكداً “حرص أنقرة على تطوير شراكة عملية في مجالات النقل والبنية التحتية“.

رمزية وتحديات الخط

ويُعد خط الحجاز الحديدي، أحد أبرز المشاريع التاريخية في المنطقة، حيث تم إنشاؤه في مطلع القرن العشرين بأمر السلطان عبد الحميد الثاني لربط ولايات الدولة العثمانية وتسهيل نقل الحجاج، ويمتد من دمشق إلى المدينة المنورة بطول يقارب 1,300 كيلومتر، وقد اختصر زمن رحلة الحج آنذاك من أربعين يوماً إلى خمسة أيام فقط.

وعلى الرغم من توقفه عن العمل بشكل كامل بسبب الحروب والتقلبات السياسية، لا يزال الخط يحتفظ برمزيته التاريخية.

ويشكل الخط اليوم محوراً لمشروع إقليمي جديد يربط الموانئ التركية بالشبكة الأردنية مروراً بالأراضي السورية، ما قد يفتح الباب أمام ممر تجاري نشط يمتد من ميناء العقبة وصولاً إلى أوروبا.

وطرح المشاركون في الاجتماع الثلاثي، فكرة إنشاء مجلس وزاري للنقل يتولى متابعة تنفيذ المقترحات وتوحيد السياسات الجمركية والإجرائية، بما يذلل العقبات الإدارية أمام مشاريع الربط الإقليمي.

وعلى الرغم من التفاؤل الذي ساد الاجتماع، حذر خبراء من أن نجاح هذه المشاريع مرهون بتحقيق استقرار أمني ومالي في سوريا، وضمان سلامة مسارات السكك الحديدية والمعابر الحدودية، إضافة إلى التنسيق مع القوى المسيطرة ميدانياً في الشمال السوري.

كما يظل توحيد الرسوم الجمركية والإجراءات الحدودية بين الدول الثلاث تحدياً أساسياً، لكنه شرط لا غنى عنه لتسهيل عبور الشاحنات وتنشيط حركة التجارة.

ويتطلع المراقبون إلى الاجتماع الوزاري اللاحق، الذي سيحدد ما إذا كانت هذه التفاهمات ستبقى في إطار النوايا، أم أنها ستتحول إلى مشاريع واقعية تعيد رسم خريطة النقل في المشرق العربي وتفتح فصلاً جديداً في التكامل الاقتصادي الإقليمي.

شاهد أيضاً

📌 فيديو: تفاصيل عملية بين العراق والسعودية انتهت باعتقال اثنين من تجار المخدرات الدوليين