بغداد – تقرير خاص
حذّر خبراء ومختصون في الشأن البيئي من انهيار وشيك يهدد الثروة السمكية في العراق، نتيجة تفاقم أزمة شح المياه وتراجع مناسيب الأنهار والسدود إلى مستويات غير مسبوقة، عقب قرار تركيا تقليل الإطلاقات المائية نحو الأراضي العراقية، في ما بات يُوصف بـ”حرب المياه” بين البلدين.
وأكد المختصون أن استمرار الأزمة ينذر بفقدان مورد غذائي وطني مهم وقطاع اقتصادي حيوي، يعتمد عليه آلاف الصيادين ومربي الأسماك في المحافظات الجنوبية والوسطى، ولا سيما في محافظات ميسان وذي قار والبصرة.
الأسباب والتداعيات
يقول الخبير البيئي محمد السعدي في تصريح خاص، إن “انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات، وتلوث المياه بالمخلفات الزراعية والصناعية، تسبب بموجات نفوق جماعي للأسماك في عدد من المحافظات”، محذرًا من أن “البيئة المائية في العراق باتت غير صالحة للعيش السمكي في بعض المناطق”.
وأضاف أن “انخفاض الإطلاقات المائية التركية بنسبة تفوق 60% جعل الأنهار تتحول إلى مجاري ضحلة، ومع ارتفاع درجات الحرارة تتضاعف نسب التلوث، ما يؤدي إلى نقص الأوكسجين في المياه وموت الأسماك بشكل واسع”.
خسائر فادحة للقطاع السمكي
من جانبه، أشار رئيس جمعية مربي الأسماك قيس الموسوي إلى أن “القطاع السمكي خسر خلال العامين الأخيرين ما يقرب من 40% من إنتاجه الوطني”، مبينًا أن “مئات المربين والصيادين اضطروا إلى ترك العمل بسبب ارتفاع كلفة الأعلاف وشح المياه”.
وتابع أن “العراق كان يحقق اكتفاءً ذاتيًا من الأسماك في السنوات الماضية، لكن الأزمة المائية الحالية تهدد بانهيار هذا الإنجاز، وربما العودة إلى الاستيراد خلال العام المقبل إذا استمر الوضع الراهن”.
تحذيرات دولية
في المقابل، حذّرت منظمات بيئية محلية ودولية من أن الجفاف وتلوث الأنهار يهددان التنوع الإحيائي في العراق، مؤكدين أن الأهوار، التي تُعد موطنًا طبيعيًا لعشرات الأنواع من الأسماك، تواجه خطر الجفاف الكامل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مائي عادل مع تركيا وإيران.
دعوات للحكومة
وطالب الخبراء الحكومة العراقية بتفعيل الدبلوماسية المائية، والتفاوض الجاد مع تركيا بشأن تقاسم منصف لمياه نهري دجلة والفرات، إلى جانب وضع خطط طارئة لمعالجة التلوث في الأنهر، ودعم مشاريع تحلية المياه في المحافظات الجنوبية.
كما دعوا إلى “إنشاء صندوق دعم عاجل لمربي الأسماك المتضررين، وتعويضهم عن الخسائر الكبيرة، للحفاظ على هذا المورد الوطني الحيوي”.