المصدر : العربية نت
على مدار سنوات كانت المملكة العربية السعودية هدفاً صعب المنال بالنسبة لعدد من الدول التي تريد أن تلعب دوراً محورياً داخل العالم الإسلامي، فريق يحاول السيطرة على المملكة بسبب نفوذها داخل العالم الإسلامي نظراً لمكانتها الدينية لدى المسلمين حول العالم، وفريق آخر يطمح في السيطرة على ثروات المملكة النفطية التي صنعت لها مكاناً قوياً ونفوذاً واسعاً داخل المحافل الإقليمية والدولية.
منذ عدة أيام ظهرت بوادر أزمة جديدة ربما يرى فيها البعض موقفاً صعباً بالنسبة للمملكة العربية السعودية، هذا الموقف تمثل في اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي بعد دخوله لمقر القنصلية السعودية في حي ليفانت بمدينة إسطنبول التركية، للحصول على أوراق رسمية يقول المقربون منه إنها وثائق لتسجيل طلاقه من زوجته الأولى، تمهيداً للزواج من سيدة تركية تدعى “خديجة آزرو” التي تدور حولها عدة شكوك خاصة في ظل تصريح الابن الأكبر لخاشقجي حول عدم معرفة الأسرة بها وبحقيقة هويتها.
بعد ساعات قليلة فوجئ العالم بالكثير من الشائعات والتصريحات تتردد حول مصير خاشقجي، تارة تتحدث بعض المصادر المجهولة حول احتجاز خاشقجي داخل مقر السفارة، وتارة أخرى حول قتله والتخلص من جثمانه، وبين لحظة وأخرى بات الحديث عن مصير خاشقجي شاغلاً رئيسياً لكافة وسائل الإعلام على مستوى العالم، ولما لا هذه الضجة والرجل قد بات حدثاً مهماً يتحدث عنه الزعماء والمسؤولون على مستوى العالم..!
بعد فترة صبر دبلوماسي كالمعتاد خرجت المملكة عبر ولي عهدها الأمير “محمد بن سلمان” في مقابلة له مع وكالة بلومبرغ للحديث حول سماح المملكة للسلطات التركية بتفتيش مقر القنصلية السعودية في إسطنبول للبحث عن خاشقجي.
ما أثار شكوك وريبة بعض المراقبين هو تحول قضية اختفاء مواطن سعودي بهذا الشكل إلى قضية رأي عام على مستوى العالم، وكأن هناك من يسعى لتدويل القضية وإظهارها للعالم بشكل ما لإحراج السلطات السعودية، بعيداً عن كونها قضية اختفاء مواطن سعودي على أراض تركية.
بدا السعي التركي لاستغلال الموقف واضحاً وجلياً عبر الحديث على وسائل الإعلام التركية من مسؤولين أتراك وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومستشاروه وصولاً إلى وزير خارجيته، في ذات اللحظة كان التصعيد القطري حاضراً عبر استخدام قطر لمنصات إعلامية تابعة لها بشكل أو بآخر على مستوى العالم لتقديم قضية خاشقجي إلى العالم من زاوية أخرى على غير الحقيقة كالمعتاد.
القضية ليست خاشقجي فهو في نهاية المطاف مواطن سعودي كان له صلات كبرى بالعائلة المالكة، وعمل على مدار سنوات داخل أروقة النظام السعودي، القضية هي محاولة استهداف واضحة لسمعة المملكة ومكانتها الدولية عبر تقديمها للعالم وكأنها كوريا شمالية جديدة في الشرق الأوسط، فخاشقجي مع كامل التقدير والاحترام لشخصه، لا يتمتع بهذه المكانة الكبرى التي تستحق هذا الزخم الإعلامي المدفوع بتوجهات سياسية من دول وكيانات بعينها ربما لأغراض أخرى..!
قطر لديها ثأر دبلوماسي مع المملكة العربية السعودية بعد أن استطاعت الدبلوماسية السعودية كشف حقيقتها أمام العالم، وتركيا هي الأخرى لديها مخاوف كبرى من التوجهات الإصلاحية الجديدة داخل المملكة العربية السعودية مؤخرا، وتعمل بشكل واضح عبر عدة طرق لإيقاف مسيرة التغيير التي بدأت بها المملكة خلال العامين الماضيين، خاصة في ظل احتضان تركيا لعدد من قادة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين التي تم تصنيفها كجماعة إرهابية داخل المملكة العربية السعودية، وعلى الجانب الآخر تجد نظام الملالي الذي يسعى جاهداً بالعنف تارة عبر ميليشياته المسلحة في العراق واليمن ولبنان وسوريا لاستهداف المملكة وأمنها القومي، وتارة أخرى عبر وسائل إعلامه للثأر أيضاً من الدبلوماسية السعودية التي كشفت نظام الملالي وفضحت دعمه للإرهاب على مستوى العالم.
على الجانب الآخر من القصة نجد اليسار الأميركي ووسائل إعلامه يستمر في محاولاته للصيد في الماء الجمهوري العكر بالفعل، لتمكين القوى المتطرفة من دول القلب الصلب في منطقة الشرق الأوسط، والثأر من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهو ما ظهر في ضغوط بعض أعضاء الكونغرس على الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتراجع عن دعمه للنظام السعودي واتخاذ إجراءات عقابية ضد النظام السعودي حتى من دون انتهاء التحقيقات المعلن عنها من الجانب التركي، بما يعود بالنفع لصالح النظام الإيرانى الذي يسعى لتخريب المنطقة العربية منذ سنوات، خاصة في ظل موقف ترامب الواضح من النظام الإيراني ومن ميليشياته المنتشرة في عدد من الدول العربية.
القصة ليست الكاتب جمال خاشقجي الذي وللمصادفة كان ضيفاً مستمراً على الفضائيات الإخوانية التي تلفظ سمومها من تركيا ومن خارجها بتمويل قطري وتركي، ولكنها أكبر منه بكثير، ربما هي محاولة للي ذراع الدبلوماسية السعودية وإحراجها أمام العالم، والقصاص من المملكة التي اتخذت موقفاً حازماً تجاه جماعة الإخوان المسلمين وانطلقت في مسار التغيير الداخلي بشكل متزن وعقلاني كعادة المملكة عبر سنوات.
في النهاية إذا أردت معرفة أين خاشقجي وما هو مصيره، فعليك أولا بالبحث عن المستفيد مما حدث له..!
المستفيد بلا شك هم أكثر دراية بما حدث لخاشقجي من غيرهم وكل لبيب بالإشارة يفهم..!
*نقلاً عن “برق”
** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
الهدف هو الرياض وليس خاشقجي