زينب فخري
ليس بمستغربٍ أن ترتفع الأصوات للمطالبة بوقفة احتجاجية واعتصام لموظفي وزارة الثقافة والسياحة والآثار بل بوقفات واعتصامات إن استدعى الأمر ذلك!
لقد ذكرنا في مقالة سابقة نشرناها في صحيفة “الزمان” التفاوت المرعب بين رواتب وزارة الثقافة والسياحة والآثار والوزارات الأخرى كالنفط والكهرباء والتعليم العالي والمالية.. الخ، وأثارت تلك الأسطر موظفي وزارة الثقافة والسياحة مطالبين بالاستمرار في هذا الاتجاه لإيجاد حلّ مناسب لمسألة تدني مستوى الرواتب، وانطلاقاً من رسالتنا الإعلامية ها نحن نكرس قلمنا وجهودنا للمضي قدماً في هذا الشأن ونقوم بحملة إعلامية يرافقها منشورات في منصات التواصل الاجتماعي لإنصافهم ورفع الغبن عنهم.
إن الفوضى التشريعية الضاربة أطنابها في منظومة القوانين العراقية خلفت ظلماً كبيراً في أصعدة كثيرة، ومنها سلم الرواتب، وجعلت الرواتب تصنف إلى فئات: الضخمة والهزيلة والمقبولة. وبين الضخمة والهزيلة بون شاسع يفضي إلى فوارق اقتصادية وألم نفسي إن لم نقل حقداً وحسداً، والأمر لا علاقة له بالتحصيل الدراسي وسنوات الخدمة وغيرها، فالحديث يجري عن المؤهلات نفسها من خدمة وظيفية وشهادة وعنوان وظيفي، بمعنى آخر ولتقريب الصورة، مثلاً رئيس مترجمين في وزارة الثقافة يقبض بشكل صافٍ 860 ألف دينار شهرياً يقابله موظف في وزارة النفط بالمؤهلات المذكورة عينها يقبض شهرياً ليس أقل من مليونين إن تواضعت ولم اقل ثلاثة ملايين مع أرباح سنوية، وفي وزارات أخرى بين مليون و200 إلى مليون و400 ألف شهرياً مع مخصصات وغيرها!!
وربّ قائل يقول لأن وزارة الثقافة والسياحة والآثار ليست بسيادية ولا بإنتاجية وهي تثقل كاهل الدولة.. الجواب وبثقة عالية أن ذلك ليس خطأنا، وإنما سوء تخطيط وإدارة ولسنوات طويلة، لم تستغل طاقاتها ومنافذها لتسويق مثلاً المطبوعات ومصغرات نحتية ترمز لحضارتها وترويجها محلياً وعالمياً، ولم تروج لتراثها وتشجع صناعتها الحرفية التي يكاد يطالها الانقراض.. ليس لديها خطط للنهوض بالسياحة، والبلد يعج بمواقع أثرية ومزارات.. سياستها الثقافية مصابة
بالإخفاق والعجز بل الكثير لا يعرف معنى صناعة الثقافة!
وحتى لا ننحرف بعيداً عن مسار موضوعنا، نقول سنرضخ لكلامكم، ونقبل بحججكم وأدلتكم وأننا عبّ على الدولة، إذن ليتم توزيعنا على الوزارات ذات الرواتب الضخمة والمقبولة، فلدينا المترجمون والمحررون والفنانون والمصورون والسينمائيون والفنيون والإداريون والمحاسبون والحقوقيون والمهندسون…! ولهم باع طويل في مجال عملهم وتخصصهم!
ونسأل الناشطين وذوي الجاه والنفوذ للتدخل والتوسط لنا عند الوزارات (الرفيعة المستوى ذات الرواتب الضخمة والسمينة)، ولإغرائهم للقبول بنا باعتبارنا من وزارة (متدنية المستوى هزيلة الرواتب) قولوا لهم، قد تجدون بينهم مَنْ يجيد أكثر من مهارة وعمل، فموظفو وزارة الثقافة يتوافر بينهم سواق ماهرين ولمختلف العجلات: بدءاً باللوري وانتهاءً بالستوتة!! فهو صباحاً يمارس نشاطه الثقافي وفي العصر سائق محترف! قولوا لهم: وذلك إيمانا منهم بتطوير قدراتهم الذاتية وضرورة اكتساب مهارات، ولا تخبروهم بالحقيقة أن ذلك يعود إلى تدني مستوى رواتبهم وضيق حالهم وضنك عيشهم حفاظاً على كرامتنا وماء وجهنا الذي قررنا أن لا نبذله وأن لا تسقط دموعنا من مآقينا!
قولوا لهم: هم محررون ومصورون في الوزارة صباحاً، وفي العصر ينتشرون في مختلف الفضائيات والصحف والوكالات؛ وذلك إيماناً منهم بالعمل واستثماراً لطاقاتهم، ولا تقولوا لهم إنهم يعملون للإيفاء بمتطلبات حياتهم المعيشية، فرواتبهم لا تغني ولا تسمن!
وإذا رفضوا طلباتنا.. فبلغوا المسؤولين أن الرواتب الظالمة، كانت ومازالت سبباً لظلم عظيم ترك آثاراً عميقة وتداعيات لا تحمد عقباها..
والآن يا موظفي وزارة الثقافة
ماذا أنتم فاعلون؟!