أ.د.ضياء واجد المهندس
كنت في ضيافة احد الشخصيات المهمة في البلد ، وكان يتحدث عن دور الاصدقاء والحلفاء الايرانيين ولولاهم لكانت نسائنا في احضان داعش او في اسواق النخاسة . كنت انوي ان ارد ردا” قويا” ، لكن دموع سيدة وبكاءها شتت تفكيري وتركيزي ، وحالما” خرجت ، تتبعتها لاعرف السبب و اخفف مشكلتها ، لاني اعرف التزامها وعملها كناشطة نسوية . لم تستطع السيدة العراقية الاصيلة، الذي رسم الحزن والهم ملامحها ،ان تكون جملة من انفعالها و عصبيتها، ولكني فهمتها عندما قالت : ماذا كان يفعل زوجي واخي رحمهما الله الذي سقوا بدمهم الارض والعرض .. من اقاربي استشهدوا المئات من الشباب و اضعافهم من الجرحى والمعاقين ، فكم من الاصدقاء والحلفاء سقطوا ونحن قدمنا ابنائنا واخواننا بعشرات الالوف…و عندما اجتمعنا مع الاخوات التربويات في اتحاد الحقوقيين قبل اكثر من سنة ،ذكرت احدى الاخوات ان تلميذ لم يقرأ ( من طرق بابنا ، قدري طرق بابنا ) ، وعندما سالته عن السبب ، قال : كنا ننتظر ابونا يطرق بابنا ، ولكن لم يطرق بابنا احد ،حتى قدري لم يطرق بابنا..
اتذكر رد احد المسوؤلين السمج عندما نقلت رسالة من امرأة ( زوجة شهيد سقط بضمه ارهابي) والتي لم تكمل معاملتها التقاعدية لمدة ٧ سنوات ،لان الموظفين حاصروها بين اعطاء المال او المتعة ،وامتنعت الى ان كتبنا مقولة ( استحوا من الله ان لم تستحوا منا ومن انفسكم )..
عندما شرعت قواتنا العراقية بتحرير الفلوجة وبنفس الاسلوب تحرير الموصل ، حاولت امريكا تاجيل الهجوم، و قام البرت ماكغورك المبعوث الامريكي بزيارات مكوكية بين بغداد واربيل لاجل ذلك ، لان ضباط المخابرات السعودية والقطرية مع عوائلهم محاصرون ، وعملت السعودية وقطر على انقاذهم بالتعاون مع الحكومة الامريكية على ذلك ، وكانت قافلة الدواعش عبر الصحراء باتجاه الحدود السورية واكتشافها من قبل طيار استرالي وقصفها طيارين عراقيين جرى ايقافهم..
ان عدد السيارات المفخخة والمنفجرة اكثر من ٥٠٠٠ سيارة ، منها اكثر من ٣٥٠٠ سيارة مفخخة في بغداد .كان الارهابيون السعوديون منهم اكثر من ٧٨٪، واجمع فقهاء الملك على تكفير العراقيين و شرعوا وحللوا قتل العراقيين ..وكان الملك السعودي و ولي عهده وامراءه سباقون في استمالة القيادات السنية العراقية، حتى ان احد روؤساء الكتل السياسية الذي قابل الملك مع قيادات اخرى نقل لي استغرابه كيف ان الملك وبخ طارق الهاشمي عندما كان نائب للرئيس العراقي في انه لم يفعل شيء وقد استلم اكثر من ١٠٠ مليون دولار، و هكذا فعل مع باقي الوفد…
عاتبني احد الاصدقاء التركمان وهو قريب من اردوغان ، عندما كتبت ان الله ارحم من اردوغان عندما امر بزيادة الاطلاقات المائية بمناسبة رمضان و بطلب من رئيس البرلمان الشاب و قيادات سنية .وزعل اخوة من الفصائل المسلحة عندما قالوا ان ايران ستزود البصرة بماء صافي ، وقلت : ان الله ارحم و سترون ..لقد عملت تركيا على بناء السدود دون الاخذ بنظر الاعتبار حقوق ومتطلبات العراق ، وهكذا فعلت الجارة ايران ، بل وزادت بتحويل مجاري الانهر الكرخة والوند و الكارون ووو، وحولت مياه البزل على حدودنا الشرقية وفي شط العرب ..قلنا : الله ارحم ، ف ارسل الله ٢٠٠ مليار طن من المياه على العراق وايران وتركيا ، لتملىء كل ما عندهم و تغرقهم و يرسلون الماء والسيول مضطرين غير مخيرين .الله ارحم ، ارسل المطر لينقي الاجواء والتربة، و ينظف الانهار ويقلل تلوثها، و يحاسب المتجاوزين على حافات دجلة والفرات فيغرق منشأتهم العشوائية ،وليكشف فساد وتهالك الخدمات والصيانة لمواردنا المائية في ادارة التدفقات المائية، و تنظيم الخزين والموازنة، و يبين للناس غياب الحكومة في ادارة الازمة وتجنب الاضرار والوقاية من الفيضانات والضرر..لقد انعم الله على العراقيين وعلى حكومة التقسيط و وزراء بالتنقيط ، ارتفاع مستقر للنفط ، و تجهيز العراق باحتياجاته المائية لاربع مواسم ، وليعلم الجميع ان سعر برميل الماء اعلى من سعر برميل النفط ، لان سعر برميل الماء يتجاوز ١٥٠ دولار ومعدل سعر برميل النفط بين ٥٠ الى ٦٠ دولار ..
منذ عدة اسابيع لم اكتب في السياسة ،لان ارائي لم تبق لي صديق من روؤساء الكتل والاحزاب والنواب..لقد اكدنا ضرورة عودة الاموال والممتلكات والطائرات العراقية من دول الجوار الذي اودعها صدام المقبور عندهم ، و الحصول على استحقاقاتنا من استخدام خط النفط العراقي السعودي الممتد من الزبير في البصرة الى النويبع على البحر الاحمر بكلفة اقتربت من ٣ مليار دولار تحملها العراق نتيجة حاجته اليها في سنين الحرب العراقية الايرانية، حيث بدا العمل في ١٩٨٤ واكتمل في ١٩٨٦ وتوقف في ١٩٩٠ بسبب دخول قوات صدام الى الكويت .يبلغ طول الانبوب قرابة ١٦٠٠ كم عملت عليه خمس شركات كبرى من امريكا وفرنسا واليابان وايطاليا وكوريا الجنوبية لمدة سنتين و الجزء الاكبر في السعودية ، بالاضافة الى خزانات نفط عملاقة تقدر ب ١٠ مليون برميل و محطات ضخ في الخريص..
لقد كان الحراك السياسي والدبلوماسي للعراق تجاه دول الجوار مشجعا” لفتح صفحات علاقات طيبة والتوافق على الامن والعلاقات والمواقف المشتركة .لكن ، ان يرتفع معدل التبادل التجاريمع ايران الى ٢٠ مليار دولار وتسعى السعودية بالوصول الى نفس الحجم المقدر ب٢٠ مليار دولار والذي نزلت في بغداد باكبر وفد تجاري واقتصادي . ولن يكل او يمل الرئيس التركي اردوغان في الحصول على نفس النسبة ، و ستتحرك سوريا للوصول الى حجم التبادل التجاري السابق مع العراق والذي تجاوز ٥ مليار دولار وكان احد اسباب دعم تركيا للمعارضة و المجموعات الارهابية في حربها ضد حكومة بشار .. وتبقى الامارات والاردن و مصر ودول الخليج تنتظر الفرصة في دخول السوق العراقية من نافذة الكتل السياسية ، اما الصين و كوريا الجنوبية واليابان فقد تلجا الى اسلوب مقايضة الخدمات والبضائع بالنفط لمديات طويلة الاجل…
الامور اصبحت واضحة للمراقبين ، ان العراق فتح كل الابواب للجميع ، وعلينا توزيع النفط عليهم وننتظر رحمة الله..
لايمكن ان يكون هناك تبادل تجاري بين العراق ودول الجوار والدول المتقدمة لان ميزان التبادل يميل لهم ، فالعراق لا يستطيع تصدير اي شيء ، وحكوماتنا تصر على تدمير كل قدراتنا لنصبح كالقطيع ، يجرنا جيراننا عندما العراق يضيع..
اعلنت امريكا حربا تجاريا ضروس ضد الصين وانسحبت من معاهدات تنظم التجارة مع بلدان امريكا اللاتينية عندما اختل ميزان تبادلاتها التجارية معهم، وعمدت الى فرض وزيادة الحماية الكمركية في الوقت الذي تنادي بحرية التجارة …
حكاية عراقنا ، اشبه بحكاية فلاح الاسكافي ( يعمل في اصلاح الاحذية المستعملة)، الذي يعود الى الفندق القديم في البتاوين متاخرأ” ، فيجرب بمفتاحه الابواب الى ان يفتح الباب فيعرف انها غرفته .وفي احد الليالي لم يجد المفتاح ، فنام في الممر حتى الصباح ، فاصبح مضرب مثل على السكير في الفندق، (فلاح مضيع الباب والمفتاح)..