تحياتنا الخالصة
كنت قد عزفت عن الكتابة مذ قالت احد الزميلات المغتربات :
يا ضاوي بسگ عاد ،اعميت العيون…مو ..حجيگ مطر صيف ما بلل اليمشون…
ولكن بعض الاخوة وبعض الاخوات ومنهم سيدة مختصة بالتاريخ القديم ،طلبوا مني ان اكتب..فتذكرت ايام من الفزع في حياتي بين اقرأ واكتب !.!
مادلين فتاة مسيحية بارعة في التصاميم والديكور ، و معجم في الديانات القديمة ولا يفارقها كتاب باللغة اللاتينية تقول عنه كتاب الديانات على ارضنا وتاريخ الاقوام المنقرضة . . التقيتها اول مرة وكانت تنتظريني ، وقالت انها تعرفني .. قلت لها ان وجهك مألوف عندي ولكن لا اتذكر اين التقيتك؟؟ قالت : في اور ؟؟،كنت أظن انها قريبة عن سكني لكوني اسكن حي البنوك وحي اور ليس بعيد عني..قالت : في اور منذ ٥ الاف سنة ..قالت: كنت يا سيدي سيد المعبد وقد اصطفيتني لاكتب اسرارك على الواح الطين وجعلتني سيدة التدوين ، في الوقت الذي كان كل الكتبة في المعابد من الرجال ، ولكن وشى بك احد الكتبة وتبرأت مني ونكرتني فسجنني الملك و حرقني، و قتلك الكتبة بامر الملك شر قتلة.!!!!!!
في البدء كنت اظن ان مادلين تمزح ، ولكن في كل لقاء كان تحدثني عن تفاصيل المعبد وتفاصيل حياتي هناك و طراز معيشتي و بشكل يفزعني في كثير من الاحيان ..طلبت من احد الزميلات وهي موسوية النسب وقريبة جدا” من مادلين ان تاخذها الى الامام موسى الكاظم وتمسك الشباك و ترتدي الاسوار من القماش الاخضر لعلها تشفى من مس التاريخ الذي تلبسها..
قالت لي العلوية : لقد كانت قبل قدممك باشهر تنتظرك وتصف سلوكك وحياتك وكانها زوجتك ، فزاد الخوف في نفسي وخشيت ان التقيتها من قبل..
قلت لمادلين : اني لا اؤمن بالتناسخ وتناقل الارواح وهي جزء من الخرافة ..قالت: ضياء ، الله اعطانا فرصة واحدة وبعدل محكم و لكل الخليقة ، وهبك الروح ،والبسك الاف الاجساد بازمان مختلفة ، في اقوام مختلفة، بمستويات اقتصادية وفكرية واجتماعية مختلفة ، بطبائع متباينة وبوعي على درجات عدة ، فان كانت روحك مؤمنة تبقى على ايمانها سوى صرت رجل او امسيت مرأة ، كنت فقيرا” او اصبحت غني ، عشت في اور او ولدت في كشمير …كلنا نمتلك نفس الفرصة ولكن بازمان متباعدة تظهر لنا بين الحين والاخر مواقف عشناها او ناس التقيناهم …قلت : اكتب ما تعتقدين وهات حججك وبراهينك لعل من يختص بالعقائد والديانات يرد عليك ..
قالت : عندما تكتب ،ستكون اسير الكلمة والفكرة وتحت رحمة الجلاد ، ولكن اقرأ لكنك ستختار الفكرة و المفردة وتكون الجلاد و السوط ..قالت لي مذكرة: ان جبرائيل عندما نزل لنبيكم (ص): قال له اقرا ولم يقل له اكتب ..تركت مادلين لاتفرغ للدراسات العليا ، ولكني التقيت العلوية في بداية التسعينات وعند سؤالي عن مادلين ، فابلغتني ان مادلين هاجرت الى امريكا وتذكرت انها مرة تحدثت عن حياتها عندما كانت كاهنة في قبيلة للهنود الحمر منذ ٣ الاف سنة وربما ذهبت لتلتقيهم…كلما التقي سيدات من التاريخ القديم اتذكر اور والمعبد وطقوس الصلاة و قرابين الالهة و افزع من ذكريات ادخلتها في ذاكرتي ، الجميلة مادلين ، الكاتبة على الواح الطين ، والذي تقول اني كرمتها لتكون سيدة التدوين …
لا اعرف هل الكتابة ممكن ان تهد صروح الفاسدين المتحكمين برقاب العراقيين من الذين عاشوا المعاناة منذ بدء الخليقة و سيبقون معذبين الى يوم الدين ..
لنا وللعراقيين المظلومين
الله ارحم الراحمين
أ.د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي