الجمعة , 22 نوفمبر 2024

نوروز الأسود

هادي جلو مرعي

 

بذهول وشعور بالعجز كانت الأعين ترقب الكارثة. الذين يقفون على ضفة دجلة القاتل، أو الذين تسمروا على شاشات التلفاز، أو الهاتف وهم يرقبون حركة العبارة وهي تنقلب بعشرات الأطفال والنساء والشبان، وتغيب في اللجة العميقة لتذوي الحياة في شفاه كانت قبل لحظات تبتسم وتتحرك بكلمات تعبر عن سعادة خجلة لم يتعودها أهل الموصل من سنين.
دجلة الذي يتوعدنا بالعطش فاض بالموت، وقد غلبنا أحبتنا المصريين الذين كانوا يلقون بالحسناوات لتهدأ موجة الفيضان القادمة من الجنوب، ودفعنا الى دجلة عشرات الصغار الحلوين والبنات الجميلات والنساء الحالمات بالأمل ليكونوا قربانا للنهر الخالد الذي لم يفي بوعده ويقتلنا عطشا، بل فاض بالموت ليسرق فرحة النوروز ويحيل السعادة الى حطام عبارة غابت في أعماقه السحيقة ومعها أجمل زهرات العراق، وضحكات لاتغيب عن الذاكرة الجريحة على الدوام.
لماذا يموت العراقيون بهذه الطريقة، ويدفعون حياتهم ثمنا للفوضى والإهمال واللامبالاة، ولماذا يموت الصغار في لحظات الفرح وهم يحلمون بنهار جميل لم يتعودوه من سنين كانوا فيها تحت طائلة العذاب والقصف وركام البيوت المهدمة، ورائحة الجثث التي ذوت تحت الأنقاض، ولماذا لايهتم لهم أحد إلا حين يتحولون الى حكاية لاتكلف سوى تحريك الفكين والثرثرة الفارغة التي لن تعيد لهم الحياة ولن تعيد لأمهاتهم فلذات أكبادهن؟
هل يكفي أن نحاسب المجرمين الذين تتكدس لديهم الأموال، ولكنهم لايبالون بحياة الناس وعذاباتهم، هولاء هم شركاء في الفساد، وخراب البلاد، ولاعلاج لماسببوه إلا بالقصاص منهم.
مسيرة الموت تطوينا، واحدا بعد واحد وتملؤنا بالأسى.. فلاخلاص.

شاهد أيضاً

السامرائي يلتقي البرزاني ويبحثان الأوضاع السياسية والأمنية

      إلتقى رئيس تحالف العزم المهندس مثنى السامرائي في مصيف صلاح الدين بأربيل …