أ.د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي
الجزء الاول الامريكان ..جيران ..
في منتصف التسعينات ،انتقلت للسكن في بيت يزيد عن ٦٠٠ متر مربع في حي البنوك في بغداد ،و لم تمضي ٥ سنوات ،حتى اصرت زوجتي ان نشتري ارض ونبنيها في منطقة قريبة علينا كان صدام وزعها لقيادات الحرس الخاص، وبعد ان سكناها، وكنا اول من استوطن المنطقة الجديدة و مضينا ٣ سنوات فيها، ثم عادت لتطلب من جديد ان نشتري بيت لم يكتمل واصرت على ذلك، وكان صاحب البيت والدلال شطار حتى باعوا لنا الهيكل باكثر من سعر بيتنا المكتمل بمرة ونصف، مستغلين لهفة زوجتي على البيت غير ( المكتمل ) الهيكل و اصرارها عل شرائه .
جعلت البيت ، جزئين ،احدهما لسكني ، واخر للضيوف ،وكان البيت ركن من الخارج لا يفصله عن مركز شباب البنوك سوى حائط من الطابوق.
كانت حياتي مبرمجة ، انطلق الى كلية الهندسة الساعة السادسة صباحا” لاعود الى البيت السابعة مساء” ، منشغلا” طول اليوم مع طلابي من الدكتوراه والماجستير و من زملائي الباحثين في مختبري لبحوث الطاقة والبيئة والمياه، الذي اصبح الان ركام بعد ان استولى عليه الفاسدون ليهدموا كل منظوماته التجريبية …
كان مركز شباب البنوك قد تحول الى حسينية التي نصبت مكابرات الصوت باتجاه المنزل ، واصبح اذان الفجر الذي اعتدت ان انهض اليه ، مرعب لصوت المؤذن الاجش ، و لصدى الصوت العالي في البيت والذي كان يجعل ابنتي عبير تنهض فزعا” لترتمي في احضان امها يوميا”.
في احد الايام واثناء عودتي الى المنزل لم استطع ان ادخل بسيارتي الى الشارع المؤدي للبيت لان الامريكان قطعوه ، ورايت مجموعة من الناقلات الضخمة تحمل الجدران الكونكريتية الضخمة المرتبة، والتي تختلف عن ما موجودة في شوارعنا و مؤوسساتنا.. اصبح واضحا” ان الامريكيين قد قرروا ان يجعلوا المركز مقر قيادة لقواتهم ،بعد ان انتقلت الحسينية الى مكان قريب تم بناءه من التبرعات..
كان عمل الامريكان صعب و مجهد ولكن راقبتهم بحذر ، فوجدت استخدامهم للحبوب المخدرة و كثرة شرب علب البيرة المثلجة جزء من يومهم..
اصبح منظر الشارع المقابل لبيتي غريبا” ، ف الجدار الكونكريتي يمتد من بيتي الى نهاية الشارع ، واصبحت جار مقر قيادة امريكية .في اليوم التالي قررت ان ارسل عائلتي الى اهل زوجتي الذي يبعد ٣٠٠ م عن بيتي لاطمئن عنهم ، وذهبت كالعادة الى الجامعة ..عند عودتي ،لم يسمحوا لي بادخال سيارتي ، وعندما وضعتها قرب بيت اهل زوجتي وعدت الى بيتي لاعرف ماجرى فيه ، ناداني جندي امريكي من سيارة مدرعة بعد ان وجه فوهة البندقية صوبي قائلا” : اوگف ؟ !!، تحدثت معه بالانكليزية وقلت : اني اريد الدخول الى داري ، وعند وصولي الدار وجدت سيارة الهمر الامريكية في مراب بيتي وضابطين ومجموعة جنود في داخل البيت على الكراسي البلاستيكية التي اعتدنا على استخدامها للجلوس في الحديقة ..ضحكت ( ما كفاكم تحتلون ارض العراق ، حتى تختمون احتلالكم ببيتي )…
تحدثت مع الضباط الذي قام هو والجنود بتفتيش البيت، وسالني عن سلاحي ،فاخرجت له كلاشنكوف ، قام بنزع مخزن العتاد ( الشاجور) ورمى البندقية في الحديقة التي بقت ايام واصبحت كوم من حديد متصدأ…قام ضابط اخر بفحص الحاسابات الشخصية الثلاث ( اللابتوب) و الاطلاع على الملفات ، واخر الامر اخذوا لي عدة صور قبل ان اجيبهم على معلومات تخصني ومن يسكن معي في الدار ….
بعد اسبوعين تقريبا”،
اعترضت طريقي ،سيارة اثناء ذهابي الى اسواق البيضاء ، وترجل منها بعض الشباب الملتحين ، بعد القاءهم التحية ،قالوا بدون مقدمات : ان بيتك بالنسبة لنا مهم في ضرب الامريكان ،واضاف اخر : سيارته ايضا” لان تفخيخها وتفجيرها عندما تمر همرات الامريكيين تكون سهلة ، لان وجودها قرب القاعدة طبيعي ولا يثير شبهة ..
قلت : هل اذا ضربتم الامريكا مرة من بيتي ، سيخرج الامريكان من العراق ؟؟!!!، و هل ضربتكم لهم ستهز الراي العام الامريكي او البيت الابيض او الكونكرس ؟؟؟؟!!!!.تفارقنا على ان نفكر بطريقة افضل واعقل ..
كان الجنود الامريكيين قد جعلوا المشتمل الملحق بالبيت ثكنة سيطرة و مراقبة ، وقاموا بترتيب درج حديدي اشبه بسلم صعود الطائرات من جهة القاعدة ، و هدموا المشتمل بدرجه وزجاجه و ابوابه ،حتى اني في احد الايام خرجت لاتاكد من ماء المبردة ، فسحب جميع الجنود اقسام اسلحتهم وهم فوق سطح مشتملي ..فقلت لهم : عندكم كاميرات منصوبة على داري وعلى الشارعين المجاور له والمقابل له ، فلماذا الرعب و استعراض لقعقعة سلاحكم.؟؟؟؟!
في كل ليلة ، كان الامريكان يضربون الباب ، ليقوموا بتفتيش الدار ويتاكدوا من فراشي ونومي في الطابق الارضي، وان ابقي الاضاءة و بدون ستائر، و ابقاء غرفة نومي في الطابق العلوي مقفلة بعد ان اخذوا مفاتيح ابواب الغرف في الطابق العلوي ،و جعلو باب البيتونة مفتوحا” لكي ينزلوا على الدار منه بعد ان يصعدوا من سطح المشتمل الملاصق..اصبح الوضع الذي انا فيه مربك ،لان الجيران هم الامريكان ، الذي لا تجمعنا بهم سوى العداوة ..
وللحديث بقية