أ.د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي
الجزء الثاني: بين الخطف واللطف..
قبل ان ادفع الاجرة لصاحب سيارة الاجرة الذي اوصلني الى نهاية الشارع الذي فيه بيتي، قال: هل تعلم ان صاحب الدار الاخير الذي الامريكان فوق مشتمله محظوظ !!؟؟، قلت له: كيف ؟؟؟!!، قال السائق: لان الامريكان يدفعون له شدة (١٠ الاف دولار ) بالشهر بدل عن اشغالهم المشتمل.؟؟؟!!!، قلت له: كم يدفع الامريكان مبالغ مقابل احتلالهم للعراق. قال : هولاء الملاعين يدفعون، مستحيل ، انهم محتلون !!!!، قلت : اذن لماذا يدفعون لابو المشتمل !!، هل يخافون منه ؟؟؟!!!، سكت السائق و رحل…
عندما وصلت الدار، و دخلت المطبخ وجدت المطبخ مبعثر و كل شيء في مكان وكأن معركة حدثت فيه ، وادركت في نهاية الامر ،ان باب الاستقبال وباب الدرج العلوي مفتوحان ، وبسبب السمكة المجمدة التي اخرجتها من المجمدة وتركتها على منضدة الطعام ، فان القطط قد دخلن حرب ضروس في المطبخ مما استدعى ان دخل الامريكان الى الدار بغيابي… بعد نصف ساعة من دخولي بيتي، دخل الجنود الامريكيين برفقة الضابط ، ليحققوا معي ، ويدعو اني رتبت هذه الاوضاع لاحداث ضجيج لارعابهم كجزء من حرب نفسية ، وتعهدت لهم بان الحادث لا يكرر .وجدت حضورهم فرصة لكي أطلب منهم ان يكون الرمي على جداري صباحا” لكي استطيع ان انام في العصر او في المساء .قال الضابط : نحن لانرمي على جدارك ولكن وضعنا اكياس الرمل على الجدار لاننا وضعنا اهداف الرماية هناك ، والجنود الذين يفشلون في الرماية اثناء الواجب ، ياتون على جدارك يتدربون حتى يجتازو الى 29 اصابة من 30 اطلاقة …
بعد العشاء ، اتصلت زوجتي وابيها بشكل مقلق وطلبا مني الحضور ومعي مسدسي، الذي لم اصرح به للامريكان ، ذهبت مسرعا” ،فبيتهم لا يبعد عن بيتي اقل من ٣٠٠ م .عند وصولي ، وجدت الفزع والخوف وبعض الاقارب هناك ، وعرفت ان ابو زوجتي وهو طبيب متقاعد ،كردي طالباني، في الستينات من عمره قد تلقى اتصالات تطلب منه مبالغ بالدولار لحمايته لان مخطط خطفه او اغتياله معد من قبل عصابة وان مجموعة مسلحة ستتولى حمايته مقابل هذه المبالغ..حاولنا معرفة عائدية الارقام فتبين انها لم تسجل ..زاد قلقنا عندما بدا المجرمون بالاتصال ليلا لابلاغنا بالسيارات الواقفة امام دارهم ومنها سيارتي المازدا ..امسى الامر واضحا ان واحد من العصابة قريب منا او من دارنا، وان الشكوك بالحارس ،او احد المتجاوزين على الدور، أو شخص يرعى الاغنام في المنطقة وووو …غير مجدي…بقيت حتى الخامسة صباحا” ، وهو الوقت الذي انطلق فيه ابو زوجتي مع سائق قريب، تم الاتفاق معه ليلا” عبر الموبايل، ليسافر الى كركوك تاركا” عيادته في حي الاكراد في مدينة الثورة الذي تركها سابقا” اثناء الحصار ليسافر الى ليبيا ليدرس في طب بنغازي، وعاد الى العراق بعد سقوط صدام الى مدينة الصدر في عيادة في ساحة ٥٥..اتصل بي المجرمون ، لان الطبيب ترك شريحته عندي ، وكان قد اتفق معهم ان يحضر لهم المبلغ الساعة ١٢ ظهرا” في المكان الذين هم سيحددوه كجزء من التمويه عن سفره..قلت لهم : ان الامريكان اخذوه للقاعدة ، وانه حال خروجه من الاستجواب الامريكي، سيتواصل معكم ويدفع لكم ..قالوا : انت ستدفع لنا او لن تمر عليك ٤٨ ساعة وهي مدة الانذار ..قلت : تعالوا :انا في بيتي ..قالوا: تحتمي بالامريكان ..قلت لهم : لست جبان مثلكم لاحتمي بالظلام او احتمي بمحتل .قالوا : لن تخرج من دارك بعد اليوم .قلت: ساكون في بيت اهلي وهو في بداية حي الصحة وساكون بانتظاركم ..قالوا : تريد ان تحتمي باقاربك و عشيرتك !!! قلت : عشيرتي معروفة بتجارة الاسلحة والقتل ، ولكني لن اكون الا وحدي لان الله معي ، يا اصحاب ابليس ، ساتجول في المنطقة لوحدي بعيدا” عن الامريكان واهلي وعشيرتي و انتظر مراجلكم ….
وضعت المسدس دون امان تحت القميص،وبدات بالتجوال في المنطقة بهستيرية ، رد فعلي سريع على اي دراجة تمر، او سيارة تسرع او تخفف ، او شخص يسير خلفي او يدنو بقربي ، بل ان كل حواسي تدخل انذار عندما يقترب مني مجموعة شباب.. بعد بضعة ايام ، وفي العصر ، رايت سيارة سيناتور راكنة على في نهاية الشارع البعيد عن القاعدة الامريكية ، وظهرها الى القاعدة ، لم انتبه ان امامي كان رجل يحمل كيس مصنوع من الجات ( كواني السكر) ولم اركز على ما فيه ، وكان كل انتباهي على اثنين من الشباب خلفي يسيرون بنفس خطواتي ، كنت قد بدأت بالرد على ابو زوجتي طالبا مني الذهاب الى صاحب العمارة لدفع ايجار العيادة ودفع رواتب للسكرتير وعاملة التنظيف….
لكن المفاجاة كانت عندما بدا سائق السيارة السيناتور يصيح عليهم مرتبكا” : تعالوا ، رتل الامريكان جاء..ركض الشابين باتجاه السيارة واعقبهم الرجل الاربعيني العمر الذي امامي وكيسه يتمايل يمينا” و شمالا” وبدت الكلاشنكوف واضحة من الكيس..تحركت السيارة باتجاه معاكس للرتل وباتجاه معاكس للرتل الذي كان يضم ضابط وجنود راجلة و مصفحات وهمرات ..وحالما وصل ألضابط بقربي سألني : ما الذي يوقفك هنا؟ وما قصة السيارة التي انطلقت بسرعة ؟!!!
قلت : يوميا تنقطع على بيتي الكهرباء لان هوائي همراتكم عندما تمر تقطع سلك الكهرباء المسحوب من مولدة الشارع.. ويوميا اضطر ان اربطه بطريقة بدائية لاني لا استطع ان استخدم سلالم الخدمة ، اما السيارة فلا علاقة لي بها ..
ذهب الضابط وجنوده ولكن نظرات الشك واضحة في عينيه ..
وانتهى يومي بين ظن المجرمين اني اتصلت بالامريكان للايقاع بهم ، وبين شك الضابط الامريكي باني اعد عملية ضدهم …
وللحديث بقية …