هادي جلو مرعي
وزير التخطيط الدكتور نوري صباح الدليمي توجه على رأس وفد كبير محافظة السماوة التي تعاني من أهمال كبير من حكومات تعاقبت على هذه البلاد، وحين يزور مسؤول كبير محافظة رائعة وتاريخية وحضارية عظيمة مثل السماوة، فهذا يعني أن هناك سببين لابد لأحدهما أن يكون هو الدافع لتلك الزيارة، فإما أن تكون القوى السياسية والشعبية، ومنظمات المجتمع المدني والناشطون وشيوخ العشائر تمكنوا من إيصال رسالتهم الى المركز ليكون وزير بحجم الدليمي في محافظتهم، وإما أن يكون الوزير ذاته لذاته تنبه للأمر، وبحث في الحاجات الأكثر أهمية التي تحتاجها تلك المدينة، وضرورة الذهاب إليها بنفسه للوقوف على إحتياجاتها، وأنا أرجح السبب الثاني حين يكون الإلهام حاضرا في عقل ووجدان المسؤول ليبتكر، ويقرر الأولويات، فأهمية عمل المسؤول تكون عالية، وتستحق التقدير عندما يتوجه الى المدن والقرى القصية ليتحدث الى الفاعلين فيها، وأصحاب الحل والعقد، ويتفق معهم على أليات للنهوض بواقعها الخدمي والعمراني، وحاجاتها التي تأتي في الأولوية لإعتبارات مرتبطة بالخطط التي توضع من أجل المستقبل، وتوفير خارطة المشاريع التي تحتاجها تلك المواضع، وتقديمها الى الشركات الإستثمارية التي تتفق على العمل هناك.
من مدة، وكنت ضيفا على قناة فضائية أكدت إن المسؤولين الحكوميين مسؤولون جميعهم عن الخدمات والمشاريع الكبرى وحماية أمنها وصيانتها لأن الحكومة تعمل بشكل جماعي، ولايمنع التخصص في مجال من المشاركة في مجال آخر، فمثلما لوزارة النقل دور ووجود في الموصل، كذلك لوزارة التخطيط والموارد المائية والتجارة والتربية والتعليم، وغيرها من وزارات، فالمسؤولية عن بناء الوطن تشاركية، ولايمكن فصل وزارة عن أخرى، وكل يعمل بتخصص لكنه غير منفصل عن الآخر، فالتكامل في المشاريع يتطلب وجود وزارات الدولة جميعها، ودون غياب لأي منها.
هنا يجدر بي أن أتوجه الى السيد الدليمي، وكما فعل في زيارته الى السماوة حين إصطحب مسؤولي الوزارة في قطاعات مختلفة، ووقف على حاجات المحافظة أن يزور بقية المحافظات التي تعاني وتبحث عن فرص إستثمار وعمل، وإذا كان الوزير لايريد لبعض تلك الزيارات أن تكون علنية فهذا لايمنع من إذاعتها في الناس، ويبدو أن الدليمي يريد أن يستخلص من التجارب الماضية شيئا وهو أن العمل الهاديء أضمن في الوصول الى نتائج كبيرة تسبقها دعاية قد لاتكون متوافقة مع النتائج، ولكن الصحيح هو العمل بجدية وصدق، ثم إستخلاص النتائج، وحينها فليكن لوسائل الإعلام كامل الحرية في الإطلاع على المتحقق، ورسم صورة واقعية للمواطن من خلال الخبر والصورة والمقابلة الصحفية والتلفزيوينة، وحتى الإذاعية.
وزير التخطيط عمل على توفير الأموال اللازمة لتلبية حقوق المقاولين في ذمة الدولة العراقية، ولكنه وضع قائمة سوداء بأسماء شركات وأشخاص لم يؤدوا واجبهم، قابلها بقائمة بيضاء وضع فيها أسماء الذين أدوا بشكل طيب ومخلص، ووفقا لمعايير علمية دقيقة، تدفعنا لأن نضع قوائم سوداء وبيضاء ندرج فيها من عملوا بصدق في البيضاء، والذين فتحوا مكاتبهم للمواطنين وأقسموا على أن يجعلوها في خدمة الشعب، وليست للحزب، ولا للطائفة، ولتكن السوداء لمن تعمدوا أن يبتعدوا عن دورهم المخلص والبناء.