هادي جلو مرعي
أتمنى أن لايعد القاريء الكريم هذا المقال تملقا للصدريين،لكن رؤيتي للسيد مقتدى الصدر في سيارة أجرة أراها تمثل مراجعة لطيفة لدور رجل الدين والعالم والفقيه في الحياة، وعلاقته بالمجتمع، وكيف يمكن أن يكون نصيرا للفقراء، وليس صديقا للأغنياء، وأهل السلطان الدنيوي.
السيد مقتدى الصدر يقول لمن يتساءل عن سبب إستخدامه لسيارة أجرة عند زيارته لمكتب المرجع السيد السيستاني في النجف. إن المتصدي لشؤون الدين يجب أن يعيش كما يعيش بسطاء الناس، فإذا تميز عنهم بمال، أو سكن، أو لباس، أو ممتلكات دنيوية فلايعود قدوة لهم. لأن العوام يفرحون برجل الدين والعالم والزعيم الروحي حين يحاكيهم. كنا في التسعينيات نذهب الى براني المرجع السيد محمد الصدر جنوب مرقد الإمام علي، وكان يستقل سيارة ميتسوبيشي قديمة، وكان لايفصله عن الناس أحد.. وكنا نزور مكتب المرجع السيد السيستاني، وكان يوصي بعدم المبالغة في تطبيق بعض الأحكام الشرعية، حتى إنه قال يوما لشاب سأله عن حجاب المرأة، ووصفه بطريقة عالية، فقال السيد: لاتبالغ. كان علماء أهل السنة وعلماء الشيعة في كثير من الحالات يحاكون العوام ليخففوا عنهم مصاعب الحياة. فمهمة رجل الدين هي التخفيف عن الناس العاديين، ومواساتهم، وتهدئة نفوسهم، وطمأنة أرواحهم. ولذلك تجد إن البابا في الفاتيكان يطل من نافذته في روما على الآلاف ليمنحهم البركة، وكنت يوما واحدا منهم حيث وقفت تحت نافذته المشرعة والمضيئة، وعندما عودت روحي على الطمأنينة شعرت بسكينة مماثلة قرب مرقدي الكاظمين، أو في النجف وكربلاء، أو في مرقد ابي حنيفة النعمان في اعظميته الرائقة، أو عند مرقد النبي محمد العظيم في طيبة الطيبة، او في قلب مكة ملاصقا الكعبة، ومجاورا لتراثها الروحي، وقد كنا نزور علماء الدين في النجف والكاظمية والأعظمية فنجدهم يستقبلون زوارهم بتواضع جم، وروح طيبة لأنهم يدركون إن أغلب الزوار هم من بسطاء الناس، ومن الفقراء، فكثير من الأغنياء لايهتمون كثيرا للدين إلا بمقدار المصلحة كما في قوله تعالى: إن الإنسان ليطغى إن رآه إستغنى.. فالإنسان حين يكون فقيرا غيره حين يتحول الى الغنى، فيكون أسيرا لغناه، بينما الفقير فيكون طامحا، لكنه بسيط، وباحثا عن شيء يغير من حياته، حتى قيل: إن الفقر يشحذ العقل. الحياة تبدأ في اللحظة.وكل ثانية من الوقت هي بداية ومشروع حياة..
شاهد أيضاً
السامرائي يلتقي البرزاني ويبحثان الأوضاع السياسية والأمنية
إلتقى رئيس تحالف العزم المهندس مثنى السامرائي في مصيف صلاح الدين بأربيل …