هادي جلو مرعي
في المثل الشهير، لاتعطني سمكة ولكن علمني الصيد، وهو أمر جيد، ولكنه في زمن الأزمات يتحول الى ترف فكري، حيث يسارع الناس في البحث عن منفعة ما ليحققوا مكسبا سريعا، وليغيروا مسار حياتهم بالكامل، ويهربوا من واقعهم المر والأليم.
في العراق حيث تنتشر الفوضى، ويتحكم الفاسدون والجهلة في شؤون العامة، ويسيروا الأمور وفقا لأمزجتهم وأهوائهم ورغباتهم ومصالحهم، حيث لايجدون من يردعهم ويمنعهم ويحاسبهم تجد إن فلانا من الناس وفلانة وسواهما كثير يتصرفون كيف شاءوا، إما لأنهم لايجدون من يمنعهم، أو لأنهم يجدون من يسندهم ويعاضدهم ويغطي عيوبهم فلايتحرجون من فعل شيء من الموبقات والخطايا، ويرون أن الحق دائما معهم، وغالبا لهم، ولاحق لأحد في أن يطالبهم بتغيير مسارهم وسلوكهم.
الجميع يمكنهم العمل في السياسة، والجميع يمكن أن يكونوا صحفيين، والجميع خبراء في الشؤون المحلية والدولية والعلاقات الخارجية، والجميع يمكن أن يكونوا فلاسفة وعارفين، ويمكنهم أن يكونوا متدينين ومعممين ومن أصحاب المنابر. فالحق في العراق ليس سلوكا وموقفا ومعرفة، بل هو الهوى بعينه فحيث يكون هواي يكون الحق، فصار الحق هو الهوى، وليس الحق لأنه الحق.
البعض من الناس يفتح مكاتب لتعليم قيادة السيارات دون إجازة وموافقة من الجهات المختصة فيسبب الفوضى والإرباك للآخرين، ويتسبب بحوادث مرورية جسيمة يذهب ضحيتها مواطنون كانوا يأملون بركوب السيارة، فإذا هم في توابيت خشبية يحملون الى المقبرة نتيجة جهل المدربين، والجشع الذي أعمى بصر وبصيرة أصحاب تلك المكاتب غير المجازة، وغير المؤهلة، وهو أمر يستدعي المزيد من الأسئلة عن دور ومسؤولية مديرية المرور العامة ووزارة الداخلية، ومن تقع عليه مسؤولية منح تلك الإجازات لمن لايستحقها، والحق أن تمنح تلك الإجازات لمن يستحقها فقط، فمكتب الخبير لتعليم السيارات ليس كمكتب الجاهل الطامع بالمال.
أرواح المواطنين العراقيين أصبحت على مايبدو جزءا من معادلة الصراع والمنافسة المادية والمطامع الشخصية، والطموحات غير المبررة، وغير القانونية التي تسببت بتحويل البلاد الى سوق مفتوحة بلا قوانين رادعة، أو ممنوعات فيمكنك أن تتصرف كيف تشاء، وفي الوقت الذي تشاء ولاتخشى شيئا.
لابد من وقفة جادة، ومنع المسيئين من أن يلحقوا المزيد من الأذى بالمواطنين العراقيين العاجزين عن حماية أنفسهم نتيجة ضعف الدولة ومؤسساتها، وهذا يتطلب شعورا عاليا بالمسؤولية وإحترام لها من قبل من يتولاها، فهي ليست مجرد منصب ينتفع منه صاحبه، بل هي محنة تلحق الأذى بمن يتولاها مالم يحسن إستخدامها وفقا للقانون والمعايير الإنسانية، وحاجة المجتمع.
شاهد أيضاً
السامرائي يلتقي البرزاني ويبحثان الأوضاع السياسية والأمنية
إلتقى رئيس تحالف العزم المهندس مثنى السامرائي في مصيف صلاح الدين بأربيل …