هادي جلو مرعي
المفكر السوداني حسن الترابي كان يردف عباراته بإبتسامة هي أقرب الى الضحك. لكن وزير الخارجية الإيراني المستقيل عبر مواقع التواصل الإجتماعي محمد جواد ظريف كان يبتسم بطريقة لاتحدث صوتا، وإذا كان معروفا بدبلوماسية الإبتسامات، فإنه كان جديرا بإستقطاب الأوربيين، وخاصة سفيرة الإتحاد فردريكا موغريني شبيهة لاعبة التنس شتيفي غراف الألمانية التي أحببتها ثمانينيات القرن الماضي والتي حسمت وإياه مفاوضات الملف النووي لجهة الإتفاق.
عبر الأمريكيون عن سعادتهم بإستقالة ظريف، وشاركهم الإسرائيليون في ذلك، وواضح تماما إن الأمر مرتبط برؤية خاصة للوضع في المنطقة الذي ترى واشنطن إن مضيه في الإتجاه الذي تريد وشريكتها تل ابيب لايمكن أن يتحقق مالم يتصدع النظام من الداخل، فظريف ليس إصلاحيا على طريقة كروبي ومير موسوي، ولكنه ليس ثوريا كما ترغب منظومة الحرس الثوري والقوى التي لاتبالي بإحداث صدام مع إدارة البيت البيت الأبيض، غير إن مرد السعادة المشتركة يعود الى قناعة إسراأمريكية بأن ظريف شخصية معتدلة ومحبوبة لدى الأوربيين الذين تعاملوا معه مطولا، وتفاهموا على نقاط عدة معه، وكان يمثل حبة البراسيتول المخففة لصداع العلاقات بين طهران والغرب،مايعني أن تلك العلافات لن تكون على مايرام، وربما سيتم إختيار بديل متشدد من التيار الأكثر رغبة في المواجهة، وغير المستعد لتقديم تنازلات، مايعزز فرص تحول الأوربيين عن موقفهم المعتدل، والمدافع عن الإتفاق النووي، الى الجانب الأمريكي، الأمر الذي يجعل إيران في مواجهة تحديات مضاعفة، وربما تكون القرارات الأوربية في الفترة المقبلة متوافقة مع الموقف الأمريكي الإسرائيلي المتمثل بفرض المزيد من العقوبات الإقتصادية، وحتى شن حرب لو تطلب الأمر.
ظريف مثل مرحلة تاريخية مهمة عاشتها الدبلوماسية الإيرانية الذكية، وسيسجل له التاريخ نجاحه في تغيير مسارات كانت حاسمة في العلاقات الدولية، وسواء نجحت إيران في مواجهة التحديات، أو فشلت فإن ظريف سيكون حاضرا في الذاكرة كواحد من أنجح وزراء الخارجية في التاريخ الإيراني.