زينب فخري
ضجَّت الفضاءات والآفاق قبل أيام بمظاهرات واعتصامات أعلنها المعلمون للمطالبة بحقوقهم.. وكان ثمرتها أن استجاب لهم دولة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وقال في أكثر من مناسبة إن “المطالب التي خرج بها المعلمون وطالبت بها نقابتهم مشروعة”.
وبالتأكيد أنَّ التظاهر والاعتصام والتعبير عن الرأي حقّ مكفول من الدستور والقانون ومن أصحاب العقول الحصيفة ومنظمات حقوق الإنسان.. لا بل يعدّ من أوضح الواضحات هو المطالبة بتحسين المستوى المعيشي ورفع سقف الرواتب، وتحقيق الرفاهية.
لكن من أجل أحقاق الحقّ والانصاف الذي بات مفقوداً على أرض الواقع، موجوداً في الشعارات والخطب، اطرح هذا السؤال ماذا بشأن رواتب بعض الوزارات كالثقافة مثلاً؟!
ألا يستحقون تحسين مستواهم المعيشي؟! ورفع سقف رواتبهم؟!
فموظفو وزارة الثقافة لا يتمتعون بالعطلة الربيعية ناهيك عن الصيفية ذات الأشهر الثلاثة، وليس لديهم أي مخصصات مقطوعة تضاف على الراتب، ولا يكلفون بالمراقبة مقابل أجر؟!!
إذا كان المعلمون مناط بهم مهمة التعليم وتربية أجيال والنهوض بالواقع الدراسي في البلد؛ وتحقيق مطالبهم يصب في خدمة العراق وجيله الناشئ، فإن موظفي وزارة الثقافة مناط بهم الاهتمام بثقافة بلد وتاريخه وحضارته وأرثه.. وإذا كان البعض ليس له شأن بالثقافة وإنما وجد تعييناً في هذه الوزارة (المغضوب عليها)، فهذا لا يعني نغمط حقّه براتب هزيل لا يستحق أن يذكر أمام رواتب بعض الوزارات.
إن رواتب موظفي وزارة الثقافة تستحق الوقوف عندها وجديرة بشحذ الهمم للمطالبة بإعادة النظر بها. ولتقريب الصورة أكثر لدى المنصفين ومحبي العدل، أقول مثلاً موظف خدمته 26 سنة وظيفية، درجته الثالثة، حاصل على البكلوريوس منذ تعيينه، لا يتقاضى أكثر من 860 ألف دينار في نهاية الشهر، ونظيره في وزارة النفط يستلم ما لا يقل عن المليونين تقريباً في المدة ذاتها! وقرينه في أمانة بغداد مليون و200 ألف دينار، وفي مجلس المحافظة وفي المفوضية ووزارة الكهرباء والتعليم العالي حدث ولا حرج!
ومثال آخر لإزالة الضبابية والازدواجية في التعامل بشأن الرواتب، مقدار ما يوضع شهرياً في قبضة يد موظف من وزارة الثقافة، حاصل على بكلوريوس، خدمته ثلاث سنوات 480 ألف دينار، فيما يستلم الضعف تقريباً موظف آخر بالمواصفات نفسها في وزارات أخرى!
فرواتب وزارة الثقافة عارية من أي مخصصات، مرتدية فقط ما جاء في سلم الرواتب بإضافة الزوجية (للمتزوجين فقط) والأطفال (للذين رزقهم الله الذرية فقط)، ومخصصات شهادة، ولم أجد وصفاً يليق بها غير أنها رواتب هزيلة، تجعل أغلب الموظفين يراودهم حلم إيجاد منافذ للهروب إلى وزارات أخرى أكثر صرفاً وعداً للأوراق النقدية!!
لقد وجدت مطالب المعلمين عن طريق نقابتهم القبول والاستجابة، لكن أين يذهب موظفو الثقافة؟! إلى أي نقابة؟ مَنْ يطالب بحقوقهم؟! ومن يثير هذه المسألة التي باتت مصدراً لانقباض صدور العاملين وسبباً للعن الحظ العاثر الذي رماهم في بؤرتها!
قد يقول قائل لكن هناك منحة للصحفيين! بل يوجد نقابة للصحفيين ويتوافر اتحاد للأدباء والكتّاب!
نعم.. صحيح، كانت هناك منحة للصحفيين وللأدباء والكتّاب والفنانين، وتوقفت منذ سنوات، وهي مليون دينار سنوياً، أي بمعدل 83 ألف دينار شهرياً، وهو مبلغ بالرغم من ضآلته لا يشمل جميع الموظفين بل فقط أعضاء نقابة الصحفيين!
كما لا يخفى على اللبيب أن موظفي الوزارة ليس كلّهم أعضاء في اتحاد الأدباء والكتّاب.
وأخيراً أكتب حروفي هذه، لعلّها تجد قبولاً واستجابة من لجنة الثقافة النيابية وسيادة دولة رئيس الوزراء والمنصفين، فنحن موظفو وزارة الثقافة نطالب بإعادة النظر بالرواتب، وفي كل رواتب الوزارات التي لا مخصصات لها، وليس لديها مبلغ مقطوع، ولا أرباح سنوية، ولا حوافز ولا أي مسميات أخرى من المبالغ.
ألم يحن الوقت لوضع حدّ للفروق بين الرواتب!